الاثنين، 21 يوليو 2014

موعد ||

 

  لأنه يتكلم بكل لغات أهل الأرض، ويتقن لكنات أهل الشرق، ولأنه ينطق الملايو كما أهل سومطرة، كما الباشتو، كما لغة لا تقارن بأخرى.  ضاق به الأمر: لم تعد اللغة بالنسبة له حرفا مطبق الصوت. صار يبحث عن بكاء بلا نطق.. بلا حرف، بلا  شِعر بلا بيت. يبحث عن روح خجلة تستحي النّطق. وجد بدل الروح ثلاثة ويزيد: روح تلهمه فيتكلم لغات نسيها فذكرها... كمن يمرُّ على باله الفرح فيذكر صور العيد.  وروح تفتنه فيجف حلقه ويسمع منها ويستمتع.  وثالثة  تسمعه وتحاكيه، وتكتب عنه، وتسأل عنه، وتبحث عنه، وتدعوه لتسمع منه. وأرواح أخرى لا أعلمها، وهو لمْ يفض الحديث عنها: كانت أشباه طيور مرّت بواد  لم تعشّش فيه . أرواح كعابرات سبيل زادته غرورا فإحتار وصعب عليه الإختيار.


أظنّه قرأ نص {أخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة} .  أراد أن يجرب هو أيضا مجالسة فتاة كتلك، حسم أمره وبحث عن فتاة تحب الكتابة... أنا الفتاة التي تحب الكتابة. أنا الفتاة التي  خرجت معه في موعد. ويا طول هذا الموعد: دام من يوم كذا الى صباح يوم كذا وعشرين. تبادلا الأدوار هو من كتب وهي التي قرأت . كانت أنامله مغرية  وكان ذكاؤه أسطوريا، حتى أن الفتاة رأته حلمًا وجب تدوينه على رأس قائمة أحلامها . هو يتحقق قبل أن تتمناه . وبكل ما فيه من جمال بدا لها كطقوس غير مُستهلَكة، كلغة بين عاشقين، كشالٍ قرمزيّ على كفيها.. كفتى قوقازي يغازل جفنيها،  كفتاة قزوينية  تشابك  بين ضفائر عروستيها . هو من علمها التكرار، وعلمها أن تترك الكتابة، وعلمها أشياء كالخيال.

ككل يوم يتقابلان فيه يجلسان للثرثرة ثم للسؤال ومنه إلى الخصام.. إلى الآلام . يؤذيان نفسيهما عمدًا ولاينقطعان حتى يأتي النّادل ليصرفهما إلى حديث آخر. بعد مغادرة النّادل يخبرها أنّ خصامهما بلغة الأرواح رغبة في موعد  آخر. وموعد بعد موعد صارت هي حدباء الأنامل،  فلم تعد هي الفتاة التي تحب الكتابة.  وصار هو محرّر مقالات يرغمها أن تقرأ نشاز أفكاره وسوء تحاليله  قبل أن يقدمها للطباعة . 

ويوم قرّر المغادرة استأذنها للنّوم . أمّا هي فراحت تُطيّب خاطر كفّيها حتى تعود الفتاة التي تحب الكتابة . 




                                        وأنا لا أتحدث عن شخص ،، عن حلم عن فكرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق