الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

هو الحظ ||



    لا أظن أن هناك شعورا أسوء من أن ترى حلمك الذي تنازلت على الكثير من أجل تحقيقه تحققه ايدي أخرى، لا يهم ان كانت ايدٍ محظوظة أو بائسة، مرتعشة أو ثابتة . المهم أنها تحققه دون عناء. لو كان هذا الحلم شخصا لقلنا انّ الطبيعة البشرية تتحكم في مدى توافق الأفكار والارواح و القناعات، لو كان عملا او رتبة او اي درجة شرفية كانت لتفهمنا الأمر ولقلنا هو الحظ وهي الواسطة والرشوة وبُنيّاتِها . بل لو نعتبره سفرا او هجرة فسنجد له حجّة كضياع جواز سفر، كغياب محرم، كقلة مال . 


الأمر يختلف كثيرا ... حلمي فكرة ،، نعم فكرة . فكرة ان أكون مستقلة روحيا، أن لا ترتبط مشاعري لا بحضور  ولا بغياب لا بنجاح ولا بفشل . أنا لا اقصد التبلّد في المشاعر واللامبالاة، بل اريد اطمئنانا كالرّضا تماما. 


بعيدا عن القدريات والحكمة الالهية ، منذ البداية كنت اعلم أن لا شيء يتحقق ان سعينا له عنوة وان كان بسيطا سهل المنال ممكنا لكلّ الناس . هو يتعسر علينا نكاية فينا لأننا رفعنا من شأنه وجعلناه آلهة من جصّ نطوف بها ، نلحظ كل تفاصيلها ، نعدّد شقوقها ، نقيس ارتفاعها ونقارنه بارتفاع  مدخل رغبتنا فيها . لا يزيغ بصرنا عن  بياضها فلمعانها فملمسها فوزنها ... ثم ها نحن نعجز عن تحريك هذا الصنم الهائل ، نخاف حتى الاقتراب منه ، حجمه يزداد كلما اقتربنا ونظرنا له من الأسفل . بياضه سيشوه لو وقعت عليه ايدينا المتعبة، حتى شقوقه المجهريّة قد تكون سبب انهياره . أعود خطوتين الى الوراء . أنظر حولي . الكل مستعد لحمل آلهة الجص دون اكتراث بما قد يصيبها .

أحدهم على الجهة الثانية من رصيف الأنانية الحمقاء  يحمل سطل عجين الجص ويضع لافتة ( ترميم أصنام بالمجّان). و آخرون على الجهة المقابلة يضعون تخفيضا على علب دهان الجص الملونة. مساء حين تلمع الواجهات الكبرى للمحلات الراقية كثيرا ما أرى أقزاما من الجص بحجم كف اليد ..

الكل يحمل فكرته وحلمه والوانه ولا يكترث لصاحبة الصنم الأكبر ذي الشقوق . سأتركه لمن يجعل حوله حديقة من الكامومي ثم  بعد فترة يجعلون بلاطا محيطا به وبعض  المقاعد الخشبية . سيصبح حتما مركز المدينة او حديقة مفتوحة، وسيكتب عليه مرضى الزهايمر آخر الأسماء التي يتذكّرونها .  ستتوالى عليه الفصول وسيتحجر ويزداد صلابة. ستأخذ الفتيات قطع الجص الواقعة منه لترسم بها على بلاط الأمنيات مربعات تقفز منها الى المجهول حتى يكبرن كما فعلت أنا وكبرت .  وكل مساء  يعود اصحاب الأصنام الصغيرة الى منازلهم . ويبقى صنمي يقرأ الأسماء التي نُقشت عليه .


أول مرة نكتب شيء ونبكي منه. 

الجمعة، 10 أكتوبر 2014

مراهقة معوقة ||



القرارات المصيرية والحتمية لا تؤخذ بسرعة فتفشل. إنّما يكون ذلك على أقل من مهل :
أنا حين أقرّر إلغاء شغفي بمتابعة شخص ما على الإفتراضي، لا أقوم بحظره ولا بكبت رغبتي في ذلك. بكل بساطة لا شيء يضمن عدم رفع الحظر عنه وقد تفرط منّي رغبتي.
لذا أتّبع الخطة الثانية : بأن أضيف خاصية recevoir des notifications  لحسابه. بعد 5 او 6 منشورات  يتم اعلامي بها يبدأ ضغطي في الإرتفاع وتتوتر أعصابي، هكذا أنا وضعت اصبعي  في عين الرّغبة بالمتابعة.  كانت أول تجربة مع حساب الكاتب أحمد خيري العمري. فأجدني  لا شعوريًّا ألغي هذه الخاصية في فترة قصيرة  وأكون خلالها غير قادرة حتى على النظر الى منشوراته التي قام بمشاركتها الآخرون. ثم صرت اعتمدها مع الباقين.

نفس الطريقة أتبعها مع الأشخاص الذين أعرفهم واقعا أو شبه واقع ويكون تواصلي معهم هاتفيا. أحاول أن أتصل بهم وقت انشغالهم فلا يجيبون. فأعيد الإتصال ألف مرة في الدقيقة، فلا يجيبون. حينها أقطع يد الرغبة في الإتصال بهم ثانية، وأكون قد تخلصت نهائيا من اعتبار الهاتف خيط ربط بهم.

أيضا المقاطع السّمعية التي أدمنها كل فترة والتي من فرط تعلقي بها صارت تلازمني حتى اوقات العمل وقبل النوم ومباشرة عند الاستيقاظ ،  لا أنتظر حتى يصيبني الجنون من فرط جمالها. إذًا أضعها رنة للهاتف. خلال يومين تكون رغبتي السمعية قصواء الأذن تجاهها . حيث ترتبط في ذهني بالهاتف وازعاجه الدائم .

الروايات pdf التي أعيد قراءتها كل فترة، والتي ارهقني التعلق بها. أقوم بوضعها جميعا على سطح المكتب فيظهر السطح مكتضا بها يحولها في نظري الى فوضى يستحيل ترتيبها. فيكون مثواها الأخير في ملف كوكتيل من الصور والسمعيات وغيرها.

  أنا أعرف جيدا كيف أقتل رغباتي وأجعل أطرافها تتساقط أمامي. فلا يكون هناك أمر ولا شخص  ضروريّ وحيويّ وأساسيّ وهاجسيّ وحياتيّ بالنسبة لي . هكذا أتخلص من نقاط ضعفي .
أنا لا أريد أن أكره، لأن الكره هو أقرب للإنغماس في الحب .  لذا أربط ما أهرب منه بتوتر الأعصاب، وهكذا أكون أكثر أمانا محتفظة بعلاقات سطحية بشرية كانت أو شيئيّة. هذه الفكرة أخسر معها جمالا كاد يقتلني. وأكتسب  بها تبلدا في الرّغبات .

السبت، 4 أكتوبر 2014

أربع حيطان وسقف




   وأنت كشخص ناضج يجب أن تكون لك غرفة من دون أبواب. تبنيها أنت لنفسك، أربع حيطان وسقف، من غير شبابيك ولا حتى ثقب ... لا تجعل فيها أي شقّ أو لبِنة مائلة تسمح لك بالخروج بأي شكل من الأشكال ولا حتى أن يخرج صوتك.
أنت وحدك داخلها، وخارجها كلّ ما تتمنّاه.
هذه الغرفة يعني : لا تفكر ، لن يحصل ، لا تحلم ، لا تتوقع ، لا ينفع ، ليس لك ، لا تتخيل ، لم يحصل ، لم يأت ، لم يبدأ ، انتهى ، ليس ضروريا ، غير موجود ، لن يوجد ، ليست نهاية العالم ، ليس طريقك ، غير مهم ، ...
هذه الغرفة ستبين لك قدر نفسك  جيّدا . المهم أنها ليست غرفة بائسة ولا دافعة للإحباط ، وليس من وظيفتها أن تقلّل من طموحك وتفسد عليك حياتك.  بالعكس .. هي من تقول لك الحقيقة ، تقول لك ''لو أن ما تتمناه خارجها هو فعلا ما تحتاجه الآن سيُفتح لك باب من حيث لا تعلم" . قد لا يكون الوقت مناسبا الآن، قد يحصل ذلك في وقت لاحق أو قريب حتّى ..  سيأتي الوقت الذي تكسر فيه بنفسك الجدران لتخرج لما تريده . حينها فقط سيكون لك أي ملكك.
لكن حتى ذلك الوقت .. عليك أن تفرق بين ما ستتخلّى عنه لأجل أن يحيَ ما تبقّى منك، وبين ما سيحيَ للأبد .

لا أعلم كم مرّة لجأت لهذه الغرفة ، لكن إدراك الأمور واجب من وقت لآخر . على فكرة أنا الآن في الغرفة .

الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

مساء الخير لآلام الساقين ||




مساء الخير للأرض التي  لا تكف عن ابتلاع الطيبين ، مساء الخير للحاقدين

مساء الخير للعمّات الشمطاوات ، الممثلات دور الامّهات
مساء الخير للعاملات السارقات ، ولزميلاتهن النمامات
مساء الخير للشريرات  الكاتبات الملقيات حياءهن من النافذات
مساء الخير للمتزعمات  جحافل المرضى النفسيين في الحافلات
مساء الخير للامهات الغبيات والامهات الناقمات
مساء الخير للأشقياء المدخنين المجرمين القاتلين المفسدين في الأرض
مساء الخير للفاسقين الممثلين دور الاتقياء 
مساء الخير للآباء القاتلين ابناءهم 
الداهسين عليهم بالشح والعقد النفسية 
مساء الخير للرجال الخائنين والاولاد العدائيين
مساء الخير للبنات التافهات الجميلات 
مساء الخير للبنات البشعات  المعقدات 
مساء الخير للأوساخ للكذب للرذيلة 
مساء الخير للتعب لآلام الساقين 
مساء الخير للبشاعة المتداولة 
مساء الخير لكل هؤلاء الذين لا يذكرهم أحد في نفسه ونذكرهم في الملأ بيننا 
مساء الخير لهم جميعا ... قيح هذه الحياة . 


                                                         هستيريا آلام الساقين .