الاثنين، 19 مايو 2014

تيليشارجمون ||


شاشة مُضيئة وكوب كبير من الزعتر الساخن يحرق طرف اللسان، تُعدّل من جلستها وتبدأ فى تحميل العدد الأول من إصدار *ناشرون

النات الحلزونية أبطأ من سريان الحق في محاكم العرب ، أخشى أن يسألنى الله يوم العرض عليه  عن عُمرى فيما أفنيته ؟.. فأُجيبه: '' في مراقبة نبضات خضراء بطيئة التتابع  على الجهة اليسرى من حاسوبي ''  
الرحلة سرياح ، طويلة بشكل كبير . و أنا أنظر و أنتظر.
يبدأ التيليشارجمون
0%
 (لقد بدات من الصفر)من منا لم يستمع إلى أحدهم وهو يروي قصة حياته وهذه العبارة تتصدر الحكاية . تنهيدة آآآآه . من يدلني على ذلك الصفر الذي بدأ منه الجميع ؟ إن كان بعيدا أسافر إليه . أشكره لأنه دائم التواجد فيلتقيه الجميع. سألتقط بعض الصور التذكارية معه وأعلقها على حائط غرفتي وحائطي الافتراضي وحائط قصة حياتي  كبينة  ودليل على ان لي أيضا فخر البداية من الصفر . ولدت والسواد صفر بداخلي ، ولدت بلا آثار للبشاعة النفسية ، بلا  مزاريب للغضب ، بلا جينات مهجنة بالحقد الطبقي، بلا بلازما التملق و بنسبة صفر من البغض في كرات الدم . 
 ولدت بعينين فاتحتين وبشرة زهرية ، بأنامل كالياسمين.  ولدت بطعم البابونج .  كل السوء كان صفر الوجود . وفطرتي كانت في قمتها . كنت صفرية الشوائب  والخطايا  والمعرف الزائفة . 

كلنا نبدأ من الصفر لكننا ننهي صلتنا به عند أول فكرة مكتسبة ، وعند أول تدرج رقمي نحصل عليه، نتبرأ من أصفارنا ونلفظها من الأمعاء ونلفظ معها فطرتنا . ليتني صفر دائم ..


.. يستمر التيليشارجمون 
2%
في هذا الكون كل الأمور ثنائية الوجود والعدم، كوبان من المحبّة كنت أحملهما بكفين بحجم حبة كستناء. مع ملعقتين من التعلّق الجينيّ لأمي . أما ذاك الرجل الذي يربطني به لقب، و دفتر علاج،  و استدعاء وليّ مدرسيّ،  و وليّ أمر،  فكوب مرّ يكفيه.  أحرص على وضع كوب أمي جهة اليمين، أسأل الله أن تكون من أصحاب اليمين المقربين حتى ولو من خلال كوب لا حول له ولا قوة. ذاك الرجل لا آبه له لا الآن ولا لمستقبله في الآخرة. الله حسبه وحسيبه ومولاه.  خُلقنا أزواجا  ثم يهرول الواحد ليستأثر لوحده فتكون عاقبته ... المهم عند الله يلتقي الخصوم والأزواج.
….
5%
خمس أنامل  وراحة يد ، و لا أعلم سرّ الزيادة الناتئة في الزرّ 5 في كل هاتف  .. خمس صلوات تتكرر مذ كان على هذه الأرض بعث محمدي وفتوحات وشريعة قائمة ... خمس  بيوت عشت فيها ، خمس كائنات بشرية أشتغل معهم طيبون للغاية  . كم من خمس تمر عليّ ؟ رقم مميز حقا. وخمس أحرف في إسم {ساراي}

ويستمر التيليشارجمون  9% .. 12% .. 20% 

25%
أعيش الرّبيع الخامس والعشرين من عمري  .. عقلي يخفق على غرار كل القلوب. لا أظنه عيبا خلقيا ولكنني بلغت من الكبر عتيا.  صارت أفكاري أكثر وعيا والظاهر للعيان أنها أكثر خيالية .  
لا شيء يدفعني إلى عشق أحدهم وأنا أتململ في ربع قرني الأول. ثم أنه صار لي عمل  وحياة جديدة وصديقات في عمر أمي . ومن يرغب بالإقتراب عليه أن يقترب من عقلي لا من قلبي. ليس لأني عدائية و برّية ، إنما لأني لم أعد أستسلم. وصرت أتشبث بالخفي أكثر من الظاهر . صرت عجوزا بمفهوم  الحياة .

 وفجأة قفز مؤشر التيليشارجمون إلى 
31%
الواحد والثالاثون من شهر مارس الماضي كان نومي في العمل كارثيا . على ما أظن كان يوم إثنين  استيقظت بعد ساعة من انتهاء وقت دوامي . أكثر من سبع إتصالات مفقودة من أمي . النوم سلطان.

واستمر التيليشارجمون  37 % .. 49% 

50%
أراني على حافة الصراط  .. سعير جهنم  أمامى ومن خلفى ، وأنا في المنتصف ، لم أنجز شيئا.. لم أحقق شيئا، لا شيء يُذكر حين يذكرون إسمي .. أنا لا شيء حتى اللحظة. 
تنظر إلى السقف طوال الوقت صامتة . تدمن الزوايا المظلمة . نوع من الانتحار الغبيّ . هي مدعاة للسخرية لا أكثر . وكثير من هذا الكلام المحبط تقوله أنا لنفسي.  ثم رغبة في الموت ، حبّذ لو موت بنكهة الإنتصار على  سخافات الفراغ .

توقف مؤشر التيليشارجمون
لا .. لا يمُكنك التوقف الآن .. أُحسّني أموت حقا . لكنه موت يزيد  من حدة التوتر. 

51% .. 59% 

75%
اليوم أنا مستقلة ذهنيا على الأقل وشبه مستقلة ماديا . على وشك الخروج إلى حياة المشاركة الفعلية في الجسد والروح . علامات نضجي العقلي تظهر جلية هذه الفترة . على العموم إقتربت من نقطة النهاية من فترة بائسة في اتجاه فترة الله اعلم  إن كانت أفضل أو أشد بؤسا . 


وشهد التيليشارجمون  صعوداً وهبوطاً لمؤشره 83% .. 80% .. 93%

99%

تتأكد المسكينة من أن وضائفها الحيويّة  تعمل، تحرك رقبتها بلطف ، تصلح من هيئة نظاراتها. 
أوشكت على أن أتحنط . الحمد لله أخيراً سأتمكن من تصفح الكتاب ولو لبعض الدقائق قبل أن يغمى عليّ من النعاس  .. أحسني على بعد خطوة واحده من تحقيق هدف وجودي، وكل شىء على ما يرام .

.. إنها المائة ! 100%
دون إستئذان تقفز إلى الشاشة رسالة تحذيرية “عفواً لا يُمكن إظهار المحتوى” 
تحدق في  وجوم ودهشة .. تبتلع ريقها 
تصمت ... تصمت 

... تقبل أناملها وتعزم على كتابة تدوينة . 

هناك تعليقان (2):

  1. نبارك لك ‘‘ على وشك الخروج إلى حياة المشاركة الفعلية في الجسد والروح ‘‘
    الحمد لله أوّلا و أخيرا

    ردحذف
  2. شكرا مجهول ☺ ويباركلك .
    من أنت؟

    من أنت وسحر في عينيك هههههههههههه

    ردحذف