الثلاثاء، 12 مارس 2013

عنبر الليل


فجرا وعند مطلع كل شمس.. من خلف تلال عرش مملكتها، تقام المحافل، ويُجنّد الفرسان جحافل، كذا تتزين الغوازي والحرائر. ومنهم تقرع طبول الغزاة. ويكبّر حملة الرايات، ليصرخ فيهم ملك الريح: فتحا ونصرا! ولكم المكاحل والغنائم، وإن شئتم سود النمارق متكئات على الدعائم.


دقوها أجراسا وطبولا. وحرّموا القعود عنهم والنزول ،، قد أعلنوها فتحا، ولم يعلموا أنها مملكة قصُرت أسوارها،

وتناثرت أحجارها، ولا خير منها يرجى، ولا غرف فيها لتغزى.


يرون كل مساء ظل جبل الكتمان يطول فظنوه برج القصر قد إستطال شموخا، وحين يطلع بدرهم توهموه قنديل

الأميرة قد علق لجلالها والشهب حوله رماحا. وحين تمرعليهم نسائم ليلهم تميل عمائمهم وراياتهم وتدور بينهم

كؤوس الغزل والمجون سفاحا. فيأخذهم ريح طيب من عنبر ينزل بهم كل مساء، رسول حرب من أميرة القصر.

 فتميل بهم مساكنهم وتروح عقولهم وتقوم عليهم آلهة الغواية.


 حملوا ساكنة القصر وزر نواياهم ، ماهي بآلهة لتمنع عنهم ضوء القمر، وما هي براهبة لتعلن تحريم العنبر

عن ديرها، وماهي بقادرة على البوح حتى ينهار بيديها جبل الكتمان.

قد خلى قصرها.. وهَجرها عرشها، وعُتقت منها جواريها، وكُسر مشطها، ولم يعلم من وراء التلال أن المملكة

خراب لا يغزى، أما هي فلم تعلن سقوط مملكتها. وأختارت أن تسقط هي حجرا تلو الحجر، وتظل ترابا وعنبر.


ضربوا الأقداح وخرج عليهم فرادى. فأخذ كلٌّ رايته و إستبق جيش الإباده. حربهم حرب سبايا وفتحهم بنية

الغنيمة لمَا حُدثوا عن المكاحل. صعدوا التلال نهارا وما بلغوا أسوار المملكة إلا مساء، وإشتد بهم طيب عنبر الليل

فؤسكروا وأنزلوا رحلهم، وغفوا تحت ريح ما غرست.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق